ساحة المجلات العلمية المحكمة فيها العام والمتخصص ومن أهم المجلات المتخصصة هي المجلات الطبية المعتمدة، فلو أننا دخلنا حديقة مليئة بالأشجار وكان هناك شجرة بائنة الطول وذات أزهار جذابة فحتماً ستجذب الأنظار إليها، وهذا المثل ينطبق على مكانة هذه المجلات بين المجلات العلمية المحكمة بشكل عام، فالمجلات الطبية المعتمدة من أكثر المجلات التي لها جمهورها و كذلك تعتبر من المجلات التي تفيد البشرية بشكل كبير، ولعل هذا المقال فرصة ممتازة للكتابة عن هذه المجلات والخوض في تعريفها ثم الانتقال لأهم مواضيعها وبعض خصائصها ومميزاتها لنصل إلى نماذج قوية عن المجلات الطبية المعتمدة… .
تعريف المجلات الطبية المعتمدة لابد أن يأتي بعد تعريف المجلات العلمية المحكمة المتخصصة، حيث أن المجلات الطبية هي جزء من المجلات العلمية المحكمة المتخصصة، ولهذا نبدأ بتعريف المجلات العلمية المحكمة المتخصصة بأنها: مجلات تكون مقتصرة على نشر المضامين في مجال واحد فقط وما يرتبط به من دراسات، وتكون هذه المجلات ذان نظام وهيكلية تحكيمية تنشر المضامين وفقاً لمعايير وسياسات خاصة.
وبعد أن تعرفنا على المجلات العلمية المحكمة المتخصصة نأتي لنتعرف على المجلات الطبية المعتمدة والتي هي: مجلات متخصصة في مجال الطب تقوم بنشر الدراسات التي لها علاقة في الطب والصيدلة والعلاج الطبيعي وما إلى ذلك من محددات، وتكون هذه المجلات دورية الصدور ومنتظمة، و كذلك فإن هذه المجلات تعتمد على أسلوب المفاضلة والتحكيم بين المضامين التي تُرسل للنشر عليها، وفيما يلي نضع نقاط مجملة حول التعريف بالمجلات الطبية المعتمدة:
- هذه المجلات تحت المجلات العلمية المحكمة المتخصصة، وتقوم بنشر المضامين الخاصة بالمجال الصحي، و كذلك تكون ذات نظام تحكيمي.
- من الخطأ الظن بأن هذه المجلات مقتصرة فقط على المجال الطبي بل تشمل المجال الصحي من صيدلة والطب بالأعشاب وغيرها، و كذلك تقوم بنشر العديد من المضامين ذات العلاقة والتي من أهمها الأحياء.
- معنى كلمة معتمدة في هذا المصطلح تأتي لتشير إلى أنها معترف بها من قبل أكثر من عشرة جامعات حول العالم، و كذلك تكون معترف بها من قبل الحكومات ومرخصة بشكل كامل.
بين صفحتي غلاف المجلات الطبية المعتمدة يوجد العديد من الموضوعات الرئيسية التي تتمحور حولها كامل المضامين التي يتم نشرها، هذه الموضوعات مرتبطة بالمجال الطبي من حيث المفهوم والتعريف به و كذلك ترتبط هذه الموضوعات بالجانب التوعوي، و كذلك ستجد من بين هذه الموضوعات ما يتم نشره بخصوص الاكتشافات الطبية، وهذه الموضوعات نذكرها في سياق النقاط التالي مع بيان طبيعة ما يتم نشره فيها:
أولاً: الأمراض: حيث تقوم هذه المجلات بنشر الأبحاث حول مختلف الأمراض من خلال طرح معلوماتي من قبل مختصين أكفاء، وتقوم المجلات ببيان أسباب المرض وآثاره ومدى خطورته وما إذا كان المرض معدياً أم لا.
ثانياً: علاج الأمراض: تركز المجلات على نشر مضامين العلاج للأمراض، حيث تقوم بطرح الأمراض وبيان طريقة علاجها، ولكن يغلب على هذه المواضيع عدم التطرق لذكر الأدوية إنما بذكر المركبات الخاصة بالأدوية فقط وذلك لكي لا يقوم القارئ بشراء الدواء دون مراجعة الطبيب.
ثالثاً: الأدوية والصيدلة: مركبات الأدوية وطريقة صناعتها و كذلك ما يتعلق بمفهوم الصيدلة، تتناولها هذه المجلات بالتعريف بها، وذلك باعتبار أن علم الصيدلة من مكملات علم الطب، ويندرج تحت هذا البند العلاج بالعلاج.
رابعاً: الاكتشافات الطبية: سواء كانت هذه الاكتشافات لأمراض جديدة أو عقاقير وأدوية، فإن المجلات تتناولها بشكل جاد وتركز على مثل هذه المواضيع.
خامساً: علم الأحياء: وهو من العلوم التي ترتبط بشكل وثيق بعلم الطب، وتقوم المجلات الطبية المعتمدة بنشر مضامين خاصة بالأحياء لفهم طبيعة الأمراض والعلاجات، على سبيل المثال بعض الأمراض يكون سببها نوع من البكتيريا، فتقوم المجلات بنشر أبحاث حول هذه البكتيريا.
سادساً: التوعية المجتمعية: وفيها يتم نشر مضامين توعية حول خطورة بعض الأمراض وكيفية الحد من انتشارها. وتنشط هذه المجلات في نشر المضامين التوعية في حالات انتشار وباء عالمي.
سابعاً: الرشاقة والصحة الغذائية: وهي من المواضيع ذات الإقبال الكبير على قراءتها، حيث تهتم فئات عديدة من المجتمع بمعرفة المزيد حول الغذاء الصحي والرشاقة البدنية، على سبيل المثال الموضوعات الخاصة بتنحيف الوزن بشكل آمن.
المضامين التي تنشرها المجلات الطبية المعتمدة غير مقتصرة على مجال الطب بمفهومه القاصر على الأمراض والعلاجات. ففي الفقرة السابقة لعلك لاحظت دمج العديد من العلوم ضمن المجال الطبي ومنها الصيدلة والأحياء. وهناك العديد من المجالات الأخرى التي ترتبط بالمجال الطبي وتتناولها هذه المجلات. وفيما يلي سنعرض هذه المجلات مع بيان كيفية ارتباطها بمجال الطب:
أولاً: علم الصيدلة: رغم أننا تحدثنا عن هذه النقطة في الفقرة السابقة، ولكن هنا نبرز ماهية العلاقة بين الطب والصيدلة، وهذه العلاقة ليست بحاجة لتفسير معمق بل يكفي القول بأن الطب والصيدلة يهتمان بالمرض والعلاج.
ثانياً: علم الأحياء: أيضاً تحدثنا عن علم الأحياء بأنه موضوع من الموضوعات التي تتناولها المجلات الطبية المعتمدة، وهنا نؤكد أن علم الأحياء يرتبط بالمجال الطبي من ناحية وجود كائنات مسببة للأمراض و كذلك وجود كائنات أخرى داخلة في التصنيع الدوائي، وأيضاً فهم الأحياء يؤدي لفهم الأمراض في ظل فهم المسببات لها لاسيما وأن أغلب الأمراض يكون سببها (بكتيري أو فطري أو فايروسي).
ثالثاً: علم الفيزياء وعلم الكيمياء: العديد من العمليات التي تحدث في جسم الانسان يتم فهمها من خلال علم الفيزياء والكيمياء، على سبيل المثال عملية احتراق السكر داخل جسم الانسان أو عملية سرعة تدفق الدم، والكثير من المفاهيم الأخرى، كما أن فهم الطب في ظل الفيزياء والكيمياء يساعد في تحديد عدد الجرعات الدوائية وكيفية التغلب على بعض الأمراض.
رابعاً: السكرتاريا والإدارة: د يستغرب البعض من ارتباط السكرتاريا والإدارة بالطب، ولكن أنظر إلى الجامعات وقد بدأت بشكل واسع بإدخال تخصص السكرتاريا الطبية ضمن تخصصاتها، و كذلك المؤسسات الطبية كالمستشفى تكون بحاجة لهيكلية إدارية صحيحة لضمان جودة العمل.
خامساً: التقنيات والتصنيع: نعرض على سبيل المثال موضوع الأطراف الصناعية. فهذه الأطراف الصناعية تستخدم في حالات وجود بتر ولكن تصنيعها يكون وفقاً لتقنيات وآليات تصنيع محددة. إذاً هناك علاقة بين التقنية والتصنيع والطب، وقسّ على ذلك الأجهزة والمعدات الطبية كاملة.
أولاً: مجلة Nature الطبية: تتميز بأنها مجلة أسبوعية وذات عدد كتاب ضخم، وتتميز بغلبة طابع الكتابة في المجالات الحية من طب وصيدلة وغيرها، و كذلك تتميز بأنها مجلة توعوية تهتم بمخاطبة الجمهور العادي باستخدام لغة بسيطة وغير معقدة، وبلغ عدد ما نشرته سالمجلة في عام 2020م ما يقارب ال10آلاف مضمون متخصص في الصحة، و كذلك فإن هذه المجلة لها معامل تأثير كبير بل هي الأولى عالمياً من حيث معامل التأثير الخاص بالمجلات الطبية حيث بلغ عدد الاستشهادات منها 42.351.
ثانياً: مجلة لانسيت الطبية: من المجلات الطبية المعتمدة التي تعبر مدى قابلية الجمهور لمثل هذه المجلات، حيث يقدر قراء العدد الواحد من مجلة لانسيت ب1.5 مليون قارئ حول العالم، وبلغ معامل تأثير مجلة لانسيت في الأعوام الثلاثة الأخيرة 39.207 كثاني مجلة تقدماً بمعامل التأثير في مجال الطب بعد مجلة Nature ، وتتميز هذه المجلة بأنها لا تنشر سوى الأبحاث ذات المعلومات الصادقة والدقة العالية.
ثالثاً: مجلة BMJ البريطانية: من المجلات المميزة التي تقدم نسختها الإلكترونية بشكل مجاني لكافة أنحاء العالم. ولها معامل تأثير يقدر ب16.3. و كذلك تتميز بتركيزها الكبير على نشر الأبحاث المتخصصة بالأمراض من ناحية جسم الانسان. على سبيل المثال نجد في أحد أعدادها التركيز على أمراض الجهاز التنفسي وفي عدد آخر التركيز على أمراض الجهاد الهضمي… وهكذا.
رابعاً: مجلة Annals of Internal Medicine:
وهي مجلة الطب الباطني المتخصصة بشكل أساسي في النشر حول الأمراض الباطنية. بل إن هذه المجلة تعتبر ملاذ العديد من أطباء البطنة حول العالم. ويثبت ذلك نشاطاتها الميدانية باجراء عمليات نوعية وفقاً لتلاقي الأفكار والمعلومات الطبية من المختصين فيها. ولا تقبل المجلة النشر بسهولة بل من المعروف عنها أنها تأخذ وقت طويل في تحكيم المواد قبل نشرها. قد تصل مدة التحكيم فيها لأكثر من 5 شهور.
في الفقرة السابقة عرضنا أربعة مجلات رئيسية وذات معاملات تأثير قوي بالنسبة للمجلات الطبية المعتمدة، ولكن لا يمكن الحديث عن المجلات المتخصصة بالطب دون الحديث عن المزيد من المجلات التي سنوردها في سياق النقاط التالية:
أولاً: مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (JAMA):
من أقدم المجلات المتخصصة في مجال الطب. حيث تم إنشاء هذه المجلة عام 1883م. وقد بلغ عدد المشتركين في هذه المشكلة وفقاً للبريد الإلكتروني ما يقارب ال1.2 مليون شخص. حيث تقوم المجلة بإرسال فهرس المحتويات لكل عدد إلى البريد الإلكتروني الخاص بكل مشترك بشكل مجاني. و كذلك يقدر عدد الزائرين لموقع المجلة الإلكتروني ب15 مليون زائر في السنة.
ثانياً: مجلة طب الأطفال:
من المجلات الفريدة التي تقدم محتوى نادر. حيث تختص هذه المجلة مواضيع تخص أطباء الأطفال. و كذلك تقدم محتويات خاصة بعلاج الاضطرابات لدى الأطفال. وتعرض طرقاً مبتكرة في التعامل مع الأطفال المرضى. وهذه المجلة تعتبر من المجلات العالمية المجانية المدعومة من منظمة الصحة العالمية.
ثالثاً: المجلة الأمريكية لطب العيون:
من المجلات المتخصصة بالنشر في مجال طب العيون فقط وما يتعلق به من موضوعات. ولذلك فهذه المجلة تشمل طاقماً متخصصاً من الأطباء المتخصصين في العلوم البصرية. وتقدم المجلة مجموعة من التقارير والأبحاث عن الحالات السريرية المرضية. وتنشر هذه المجلة المضامين وتوزعها على الكثير من مراكز طب العيون حول العالم.
رابعاً: المجلة الهندية (ISSP): وهي المجلة الهندية لدراسة الألم، تم تأسيسها عام 1984م. وذلك خلال عقد طبيب الأعصاب البروفيسور بي سي كاتيار لمؤتمر طبي عالمي. وتقوم هذه المجلة بنشر مضامين متنوعة حول معالجة الألم والتصدي للوباءات العالمية والأمراض الخطيرة. وهي مجلة مجانية غير هادفة للربح.
تتميز المجلات الطبية المعتمدة بالعديد من الخصائص والمميزات. وهذه الخصائص تضفي الصبغة الخاصة على هذه المجلات. ومن بين هذه الخصائص ما يتعلق بطبيعة اللغة التي تكتب فيها المضامين. ففي الغالب تكون اللغة المستخدمة هي اللغة الإنجليزية. و كذلك تكون اللغة بطابع رسمي وباستخدام مصطلحات طبية متعارف عليها. وبالنسبة لجمهور هذه المجلات فيغلب على هذا الجمهور إما يكون من الأطباء أو من طلبة الطب. و كذلك من خصائص هذه المجلات أنها لا تقبل عدد كبير من الأبحاث المرسلة إليها. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أنها مجلات تقوم بالتحكيم الدقيق جداً للمضامين قبل نشرها.
فيديو: تصنيف وقوة المجلات العلمية