من المفاتيح الخضراء للنشر على المجلات هي اعتمادية المجلات العلمية، حيث أن هذه الاعتمادية تضمن إلى حد ما سلامة استحقاق الدرجات المترتبة على نشر الأبحاث في المجلات العلمية المحكمة، ومنها على سبيل المثال درجة الاستاذية والأستاذية المشاركة وغيرها، ولعل مصطلح اعتمادية المجلات العلمية يعتبر من المصطلحات الغير شائعة لدى جمهور الباحثين، ولكن بمعناه يكون مصطلح متعارف عليها، وذهب المختصون لتخصيص هذا المصطلح زيادة في التأكيد على أهمية هذه الاعتمادية، وفي هذا السياق سنقوم بعملية تعريف اصطلاحي لاعتمادية المجلات العلمية ونرى شروطها وما يترتب عليها… .
الاعتماد هو التصديق والموافقة. ويأتي مصطلح اعتمادية المجلات العلمية بتعريفه بأنه التصديق بصلاحية النشر على المجلة وإعطاء كامل الحقوق المترتبة على هذا النشر بناءاً على رؤية وشروط خاصة بالمؤسسة مانحة الحقوق. وذلك وفقاً لسياسات هذه المؤسسة لا سياسات المجلة. ومن هنا يمكن القول بأن اعتمادية المجلات العلمية هي باختصار اعتراف المؤسسة بالمجلة التي تم النشر عليها. وهذا الاعتراف ينبني على شروط ورؤية خاصة تضعها المؤسسة وتحكم بها على المجلة.
ولزيادة تبسط هذا المصطلح نقول على سبيل المثال أن باحثاً قام بنشر خمسة أبحاث على مجموعة من المجلات العلمية المحكمة. وكان ذلك بهدف الحصول على درجة الأستاذية ولكن عندما قام بتقديم اثباتات النشر للجامعة. جاء رد الجامعة بأن مجلة من بين الخمسة مجلات هي غير معترف بها من قبل الجامعة. فهنا لا يتم إعطاء الباحث الدرجة بناءاً على هذا الخلل، والنقاط التالية أيضاً تزيد من إيضاح هذا المفهوم:
- الاعتمادية تحكم بها الجامعة على المجلة لا العكس، بمعنى أن الجامعة هي من تحدد ما إذا كانت المجلة معترف بها أو لا.
- قد تكون المجلة معترف بها من قبل جامعات كثيرة ولكن غير معترف بها من قبل عدد آخر من الجامعات، ويأتي هذا الاعتراف بناءاً على أسس وضوابط تضعها الجامعة للحكم على المجلة، وسنتطرق لذكر أهم هذه الضوابط في فقرة قادمة من فقرات هذا المقال.
- يترتب على هذه الاعتمادية إعطاء الباحث الدرجات الأكاديمية المستحقة التي من شروطها نشر عدد محدد من الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة.
يقع الكثير من الباحثين في إشكالية انصدامهم بعدم الاعتراف بالمجلة التي تمت عليها عملية نشر الأبحاث. وهذا الانصدام يأتي نتيجة عدم بحث مسبق عن المجلة ما إذا كانت معترف بها من قبل الجامعة أم لا. ولهذا لابد أن يقي الباحث نفسه من هذه الإشكالية ويعرف ما إذا كانت الجامعة تعترف بالمجلة التي سينشر عليها الأبحاث أم لا. ولطريقة المعرفة بهذا الأمر عدة محاور أساسية وهي:
- السؤال المباشر لعمادة البحث العلمي في الجامعة بإعطائها اسم المجلة وتفاصيل عنها، هي المحور الأساسي والطريقة الأكثر ضماناً لمعرفة ما إذا كانت المجلة معترف بها من الجامعة أم لا.
- بعض الدرجات تتطلب أن تكون وزارة التربية والتعليم في الدولة هي من تعترف بالمجلة لا الجامعة. ولهذا يُفضل السؤال في قسم البحث العلمي والدرجات في وزارة التعليم.
- قاعدة بيانات سكوبس تضع في تعريفها بالمجلات ما إذا كانت المجلة مصنفة ضمن اعتمادية المجلات العلمية أم لا، ولكن يؤخذ هنا بأن هذا التعريف يقتصر على مجموعة من الدول من أهمها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وتركيا.
- لا يُنصح بسؤال المجلة نفسها عن حصولها على الاعتمادية أم لا، وذلك لأن بعض المجلات التجارية من الممكن أن تجيب بشكل غير صادق.
يمكن أن نصيغ عنوان هذه الفقرة بطريقة أخرى وهي (ما هي الأمور التي تمنح الجامعات ووزارات التعليم الاعتمادية للمجلات العلمية بناءاً عليها؟)، فالاعتمادية تٌعطى إذا توافرت في المجلة مجموعة من الشروط الخاصة بالجامعة أو وزارة التعليم في بلد معين، بمعنى أن هذه الشروط تختلف من جامعة لأخرى ومن دولة لأخرى، ولكن الإطار العام الذي يتم من خلاله تحكيم الاعتراف بالمجلة يتمحور حول مجموعة من الضوابط تعتبر مسلمات للحكم ولكن التفاصيل التي تندرج تحت هذه الضوابط هي التي تختلف من جامعة لأخرة ومن دولة لأخرى، وفيما يلي من نقاط نوضح أكثر فأكثر حول هذه الضوابط والمقصد العام لها:
أولاً: انتظام دورية الصدور: إذ لابد أن تكون المجلة ذات دورية صدور منتظمة، بمعنى أنها تصدر في وقت محدد وعلى فترات محددات، على سبيل المثال كانت المجلة ذات دورية صدور شهرية (أي أنها تصدر كل شهر مرة) فلابد أن تستمر في هذه الدورية بلا انقطاع إلا إذا غيرت الدورية فأصبحت على سبيل المثال أسبوعية أو نصف حولية، ولكن لابد أن تظل مستمرة وألا تنقطع.
ثانياً: التحكيم: تنظر الجامعات ووزارات التعليم في مخرجات ما تقوم المجلات العلمية المحكمة بنشره. وتضع هذه المخرجات في ميزان تحكيم التحكيم. حيث تقوم الجامعات ووزارات التعليم بتحكيم المخرجات التي من المفترض أن تكون المجلة قد قامت بعملية تحكيمها سابقاً. وبناءاً على جودة هذه المخرجات يتم إعطاء اعتمادية المجلات العلمية أو لا.
ثالثاً: أخلاقيات العمل البحثي: من أهم ضوابط اعطاء الاعتراف للمجلات العلمية المحكمة هو التزامها بأخلاقيات العمل البحثي. فأي مجلة يثبت أنها تنشر مضامين منتحلة يتم استثناؤها من الاعتراف.
رابعاً: لغة النشر: تنظر الجامعات ووزارات التعليم باللغة التي تنشر فيها المجلات العلمية المحكمة المضامين. وهنا لا يُشترط في الجامعات العربية أن تعتمد المجلات التي تنشر بالعربية فقط. و كذلك الأمر بالنسبة للجامعات الأجنبية، ولكن وفقاً لرؤية الجامعة للغات الأساسية يتم اعتماد المجلات.
مسألة اعتمادية المجلات العلمية تعتبر من المسائل المعقدة بعض الشيء. وذلك لأن استحقاق هذه الاعتمادية متباين شروطه من كيان لكيان آخر ومن دولة لدولة أخرى. و كذلك فإن اعطاء الاعتمادية لا يعني أن هذه الاعتمادية مطلقة أبد الدهر. بل من الممكن أن يتم سحب الاعتمادية في أي وقت. ولكن سحب الاعتمادية ليس بالأمر العبثي فهذه علاقات رسمية وضوابط ملزمة للكيانات وللدولة كذلك. ولهذا لابد أن يكون هناك أسباب منطقية لسحب الاعتمادية من مجلة ما. وأهم الأسباب المنطقية التي من الممكن أن يترتب عليها سحب الاعتمادية من مجلة علمية محكمة ما يلي:
- التغيير في سياسات النشر والسياسات التحريرية و كذلك السياسات العلمية الخاصة بالمجلة. قد يؤدي إلى سحب اعتمادية المجلات العلمية وذلك في حال كانت هذه التغييرات لا تأتي وفق رؤية الجامعة أو الدولة لما ينبغي أن تكون عليه هذه المجلات.
- من أكثر الأمور التي تؤدي إلى سحب اعتمادية المجلات العلمية هي تورط بعض المجلات في الانتحال. فأي قضية انتحال ترفع في المحاكم على أي مجلة، يتبعها سحب العديد من الاعترافات بها.
- يمكن سحب الاعتمادية في حال توجهت المجلة لنشر أمور تنافي الأمن المجتمعي، على سبيل المثال هناك مجلة أجنبية نشرت بحثاً حول (الحرية الشخصية التامة للمراهقين والمراهقات والخروج عن طوع الوالدين)، وتبع هذا الأمر سحب الاعتمادية عن هذه المجلة في عدد كبير من الدول المحافظة.
- بعض المجلات يتراجع معامل التأثير لديها بشكل حاد، وهذا يكون في الغالب بسبب الانقطاع عن الصدور. فهنا يكون هناك سبب منطقي شائع لسحب الاعتمادية من هذه المجلات.
النشر على المجلات التي ليس لديها اعتمادية في جامعة أو دولة معينة يعتبر نشر سليم ولكنه يفقد صاحبه العديد من المزايا. ولهذا لا يُنصح إطلاقاً بالنشر على المجلات التي ليس لها اعتمادية. وقبل النشر اعرف الهدف من النشر فإن كان الهدف الحصول على درجة أكاديمية أو تحقيق شيء معين يتطلب ختم من وزارة التعليم. فإن ذلك يوجب النشر على مجلات ذات اعتمادية. أما إن كان النشر بهدف الوصول للجماهير فإن بعض المجلات التي ليس لديها اعتمادية تكون ذات جمهور متخصص وعريض. ولهذا نثبت عبارة (النشر على المجلات المعتمدة هو الأفضل ولكن النشر على المجلات غير المعتمدة ممكن في حالة كان الهدف من النشر الوصول للجماهير فقط).
ضوابط النشر
نشر الأبحاث على مجلات معتمدة يفتح أمام الباحث طريق الاستفادة من العديد من المزايا. بل إن اعتمادية المجلات العلمية تكون في بعض الأحيان بمثابة مفتاح القبول لتحقيق العديد من الأهداف التي يصبو إليها الباحث. والناظر في طبيعة اعتماد المجلات يرى أنها تأتي وفقاً لمعايير وضوابط ذكرناها سابقاً. وهنا لا يمكن وضع معايير وضوابط على شيء لا فائدة منه. ولهذا فإن اعتمادية المجلات العلمية يمكن أن يستفيد منها الباحث كما يلي:
أولاً: نيل بعض الدرجات الأكاديمية، وهذه هي الفائدة الأكثر بروزاً والتي يهتم بها جمهور الباحثين، و كذلك تعتبر هذه الفائدة هي المحرك الأكثر تأثيراً لجعل الباحثين يبحثون عن مجلات معتمدة لنشر مضامينهم عليها، على سبيل المثال تضع بعض الجامعات شرط نشر ثلاثة أباث في المجلات العلمية المحكمة المعتمدة من قبلها لنيل درجة الدكتوراه.
ثانياً: هناك امتيازات حكومية عديدة تمنحها الدولة للباحثين مقابل نشر الأبحاث على مجلات علمية محكمة معترف بها من قبل الدولة. ومن هذه الامتيازات الترقيات الوظيفية مثل الترقية من أستاذ لنائب مدير إلى مدير مدرسة إلى مفتش على المدارس. وأيضاً من هذه الامتيازات قبول الباحث في منح دراسية دولية.
ثالثاً: بعض المسابقات العالمية تضع شرط نشر البحث على مجلة علمية محكمة تعترف بها الهيئة المنظمة لهذه المسابقة.
في سياق السابقة عرضنا مجموعة من المعلومات التفصيلية حول اعتمادية المجلات العلمية. ولكن يظل هناك مجموعة من الملاحظات التي تتداخل في كافة الفقرات السابقة والتي من شأنها زيادة الادراك لطبيعة هذه الاعتمادية. ونضع هذه الملاحظات على شكل نقاط كل نقطة منفردة ولا ترتبط بالنقاط الأخرى:
- مسألة المجلات المترجمة، هل يتم اعتمادها أم؟، وتأتي الاجابة وفقاً لطبيعة اللغة المترجم إليها، فإن كانت على سبيل المثال المجلة عربية ولكن لها نسخة إنجليزية فإن ذلك يجعل كلا النسختين معتمدتين، ولكن بعض الجامعات لا تعتمد الترجمة إلى اللغة الصينية أو التركية وتكتفي بالترجمة للغة الإنجليزية والعربية والفرنسية فقط…. وهكذا.
- من الممكن أن لا تكون المجلة قد تكاملت أركان شروط الاعتمادية فيها، ولكن تحصل رغم ذلك على الاعتماد. ويعود ذلك لأسباب أخرى مثل سعة انتشارها أو أن لها جمهور واسع.
- بعض الجامعات تحصر المجلات التي يمكن للباحث النشر عليها لنيل بعض الدرجات في مجلات محددة. رغم وجود عدد أكبر من ذلك من المجلات التي تعتمدها، ولكن يأتي هذا بناءاً على جودة المجلة.
فيديو:تطبيق عملي-التاكد من اعتمادية مجلة من كلارفيت
هل أصبحت اعتمادية المجلات العلمية واضحة بعدما تناولناها في الفقرات السابقة؟