يسعى جمهور الباحثون على اتباع كافة شروط نشر الأبحاث العلمية، وذلك ببساطة لأنه لن يتم نشر الأبحاث إلى باكتمال كافة شروط نشر الأبحاث العلمية، وكافة أنواع الأبحاث سواء كانت أبحاث أكاديمية تكميلية ورسائل علمية أو أبحاث أخر، و كذلك بغض النظر عن التخصص الذي تتبعه الأبحاث فإن شروط نشر الأبحاث العلمية ملزمة لكافة هذه الأنواع، و كذلك قبل أن نبدأ بعرض هذه الشروط سنقسمها إلى أقسام يكون الأول منها خاص بشروط نشر الأبحاث العلمية بشكل عام، ومن ثم تأتي باقي الأقسام لنضع الشروط الخاصة بالشروط الرئيسية للبحث والتي هي خطة البحث والإطار النظري…. .
تأتي هذه الشروط مقسمة إلى العديد من المحددات الأساسية والتي تأخذ في أغلبها مصطلح (السياسات)، إذ أن البحث العلمي نجد أنه يحتوي على العديد من الجوانب الخاصة منها الموضوع ومنها التحرير وغيرها، و كذلك هناك شروط تأتي لضبط التعامل بين المجلة والباحث، ومجمل هذه الشروط نوردها مفصلة في السياق التالي:
أولاً: سياسة النشر العامة: وهذه السياسة تضعها المجلات العلمية المحكمة وفقاً لرؤية كل مجلة، وتركز على طبيعة الموضوعات المسموح بنشرها، و كذلك السقوف الزمنية للنشر واستقبال الطلبات، و كذلك توضح التكاليف المالية إذا كانت المجلة غير مجانية، وأيضاً يندرج تحت هذه السياسة شرط الموافقة على آلية النشر من حيث عدد النسخ وأماكن التوزيع وغيرها.
ثانياً: السياسة التحريرية: وهي السياسة التي يتم فيها ايضاح الجوانب التحريرية للأبحاث، ومن أهم ما تشمله هو عدد صفحات البحث من الحد الأدنى إلى الحد الأعلى، و كذلك آلية التنسيق باختيار أنواع وأحجام الخطوط وطريقة تنسيق الهوامش والتباعد بين الفقرات والسطور وآلية تنسيق العناصر والعناوين وما إلى ذلك من محددات.
ثالثاً: التعاقد: لا تتم عملية نشر الأبحاث العلمية إلا بوجود تعاقد مكتوب بين الباحث والمجلة، وهذا التعاقد يشمل على جوانب مهمة منها الملكية الفكرية للبحث حيث تنسب المجلة البحث لكاتبة الأصلي، و كذلك ملكية النشر التي تنفرد بها المجلة، و كذلك الاتفاق على الأمور القانونية التي قد تطرأ على البحث المرسل مثل الاقرار بخلو البحث من الانتحال.
رابعاً: التحكيم: تشترط المجلات العلمية المحكمة أن تجتاز الأبحاث المرسلة للنشر عملية التحكيم، إذ أن لكل مجلة لجنة تحكيم خاصة تقوم بتحكيم البحث من كافة جوانبه، وتحدد القيمة المعلوماتية للبحث وهل هو مناسب للنشر أم لا.
تشمل شروط نشر الأبحاث العلمية الالتزام بالعديد من جوانب جودة المضمون البحثي. حيث أن المجلات لا تنظر فقط في اكتمال كافة الشروط المتعلقة بسياسة النشر والتحكيم والتعاقد. بل تنظر في الموضوع الذي يتناوله الباحث وبطريقة عرضه للمعلومات ومدى دقة وقوة هذه المعلومات. وفيما يلي نوجز أهم ما يرتبط بهذه الشروط:
- تتجه أغلب المجلات اليوم بوضع شرط الأصالة لنشر البحث، بمعنى أن يكون البحث مبتكراً وغير مكرر، ويطرح موضوع جديد.
- طريقة الصياغة لابد أن تكون جذابة وذات جودة في انتقاء أساليب عرض المعلومات والكلمات المستخدمة في البحث، وذلك لأن الصياغة تعتبر جانب مهم من جوانب قوة البحث.
- يختلف قالب البحث عن باقي القوالب المعرفية. ولهذا تشترط المجلات أن يكون البحث كامل العناصر، وأن يكون توظيف العناصر قد تم بشكل صحيح.
- الاتقان من الناحية اللغوية أمر ضروري، حيث ترفض المجلات نشر المضامين التي تحتوي على أخطا لغوية سواء كانت أخطاء نحوية أو املائية.
- لابد أن يكون موضوع البحث جاد ويحمل قيمة معرفية هامة، وذلك لأن المجلات تسعى لنشر المعلومات المهمة التي تحقق فائدة فعلية في الوسط المعرفي.
- تشترط المجلات وجود جمهور مستهدف من وراء البحث المراد نشره، وذلك لأن هذا الجمهور يعتبر هو الجمهور المتوقع لقراءة البحث.
- من الشروط أيضاً أن يقوم الباحث بالاعتماد على مراجع ودراسات سابقة قوية، و كذلك أن تكون العينة في البحث قد تم تحديدها ودراستها بشكل دقيق.
تأتي خطة البحث في الترتيب الأول من عناصر البحث من الناحية التنفيذية، وتشمل خطة البحث على العديد من المكونات، ولكل مكوّن من مكونات خطة البحث طريقة محددة في الكتابة، وهذا يعني أن يكل مكوّن شروط خاصة به، كما أن هناك شروط عامة تشمل كامل عناصر خطة البحث، هذا المقصد نوضحه مفصلاً في السياق التالي:
أولاً: عنوان البحث: إذ تشترط المجلات أن يكون عنوان البحث مبتكراً ويعبر بشكل رئيسي عن مضمون البحث، و كذلك يجب أن يكون العنوان من 3 إلى 15 كلمة ويراعى فيه الجاذبية والابداع.
ثانياً: مقدمة البحث: يُشترط فيها أن تمهد بشكل صحيح للدخول في مضمون البحث، و كذلك أغلب المجلات تضع مقدار الصفحة الواحدة أي ما يعادل ال500 كلمة كمساحة محددة لمقدمة البحث.
ثالثاً: مشكلة البحث: ولابد أن تكون مشكلة واقعية يتم التعبير عنها بطريقة مبسطة يفهمها القارئ. وهي التي يدور حولها كامل مضمون البحث.
رابعاً: الفرضيات: وهي عبارة عن تخمينات تشتق من المشكلة، ومن شروطها أن تكون متناولة لجوانب المشكلة، ومكتوبة بشكل صحيح ضمن أسلوب خبري أو استفهامي.
خامساً: الأهداف: تشترط المجلات أن تكون أهداف البحث عاكسة لما يريد الباحث الوصول إليه في بحثه، ومنها الحصول على النتائج والتوصيات.
سادساً: الأهمية: وهي الفوائد التي يكتبها الباحث معتقداً أنها سنبثق من بحثه. ويجب أن يشير الباحث إلى القراء والمجال المعرفي بشكل عام ضمن هذه الفوائد0
سابعاً: الدراسات السابقة: ويجب أن يتم اختيارها بعناية، ولابد أن ترتبط في مشكلة البحث أو تتناول جانب منها.
ثامناً: مصطلحات الدراسة: تشترط المجلات أن تكون المصطلحات مكتوبة وفقاً لتعريفاتها الاصطلاحية الكاملة، و كذلك لابد من نسبة هذا التعريف وتوثيقه بمرجعه الأصلي.
تاسعاً: المناهج العلمية: لابد أن يكتب الباحث كافة المناهج التي استخدمها في بحثه، مع بيان سبب اختيار كل منهج منها.
عاشراً: العينة والأدوات: من الشروط التي تضعها المجلة أن يقوم الباحث بإيضاح العينة وفقاً لخصائصها ونوعها وحجمها، و كذلك إيضاح سبب اختيار أدوات دراسة العينة.
الإطار النظري هو العنصر الرئيسي الثاني بعد خطة البحث. وتأتي شروط النشر محددة للعديد من المعايير التي يجب تواجدها في الإطار النظري. وهذه المعايير ترتبط بطبيعة الإطار النظري أولاً، ثم بطبيعة عملية النشر وآلياتها. ولعل الإطار النظري هو المعبر المباشر عن كامل العمليات التي تمت في البحث. ولهذا لابد من وجود شروط مرتبطة بطبيعة الطرح المعلوماتي داخل الإطار، وهذا ما سيتضح في النقاط التالية:
- أول شرط تضعه المجلات العلمية المحكمة بالنسبة للإطار النظري هو احتواءه على العناوين الرئيسية والفرعية. إذ لا تقبل المجلات نشر أي بحث لا يكون فيه الإطار النظري مقسم إلى عناوين رئيسية وفرعية. وذلك لتسهيل القراءة وضبط الشكل وضبط تسلسل المعلومات.
- بعض المجلات تنظر في مضمون الإطار النظري الداخلي وتشترط وجود بعض العمليات، على سبيل المثال تلك المجلات التي تشترط وجود عملية التحليل الإحصائي ضمن الإطار النظري للبحث.
- الترابط بين معلومات الإطار النظري والتسلسل المنطقي للمعلومات، و كذلك التنوع في الطرح فتارة بالنقاش وتارة بالتحليل وتارة بالمقارنة وغيرها هو شرط تضعه المجلات لضمان نوع من جودة الإطار النظري.
- الكثير من المجلات العلمية المحكمة لا تقبل الإطار النظري الغير شامل على التوثيق الداخلي. فأصبحت النظرة اليوم تتجه نحو اعتماد أسلوب التوثيق المزدوج مرة في الصفحات الداخلية ومرة أخرى في القائمة.
- لابد أن يكون الإطار النظري شاملاً على كافة عناصره، لاسيما تناوله للفرضيات والمتغيرات، و كذلك اختتامه بالنتائج والتوصيات، والتي يُشترط فيها أن تكون نتائج صادقة ومنطقية وتعبر بشكل جاد عن حلول لمشكلة البحث.
تحدثنا على أن شروط نشر الأبحاث العلمية لها أُطر عامة أوضحناها في سياق الفقرات السابقة. ولكن هذه الأطر العامة يندرج تحتها معايير خاصة يكون للمجلة مساحة في تحديدها بنفسها. ولهذا نجد اختلاف في شروط النشر من مجلة إلى مجلة أخرى. و كذلك المجلات تضع الشروط وفقاً لآلية عمليها ولرؤيتها. وقد يتساءل البعض عن كيفية معرفة هذه الشروط الخاصة بكل مجلة. وهنا يوجد أكثر من طريقة لتعرف شروط النشر على مجلة محددة. أول هذه الطرق هي الذهاب إلى الموقع الإلكتروني للمجلة ولابد أنك ستجد نافذة بعنوان (شروط النشر). وتظهر لك اللوائح بكامل تفاصيلها، الطريقة الثانية هي قراءة التعريف الخاص بالمجلة من على قاعدة بيانات سكوبس. والطريقة الثالثة الحصول على أرشيف المجلة وقراءته وستجد فيه هذه الشروط كاملة.
بعض الأخطاء التي قد تطرأ بخصوص شروط النشر على المجلات العلمية المحكمة:
بعض الباحثين تعترضهم صعوبات أو طوارئ في تحقيق النشر حت بعد اتمام كامل شروط النشر. على سبيل المثال قد يقرأ الباث شروط النشر من على الانترنت ولكن يكون ما قرأه قديم وقد تم تجديده فعندما يقوم بإرسال بحثه يُقابله الرفض نتيجة لعدم الالتزام بشروط النشر. ولهذا لابد من قراءة شروط النشر ضمن آخر تحديث. و كذلك من الأخطاء أن يتم تطبيق شروط النشر على كافة المجلات. وقد أشرنا سابقاً إلى أن هذه الشروط تختلف من مجلة لأخرى. و كذلك من الخطأ عدم الالتزام بكامل هذه الشروط. على سبيل المثال الالتزام بالسياسة التحريرية وعدم الالتزام بسياسة النشر العامة. و كذلك من أكثر الأخطاء انتشاراً هي عدم ابرام الاتفاق وفقاً للمعلومات الصحيحة. فيقع بعض الباحثين في خطأ اعطاء المعلومات الخاطئة في الاتفاق مثل رقم الهوية الشخصية الخاطئ.
تضبط شروط نشر الأبحاث العلمية عملية النشر من طرف الباحث ومن طرف المجلة أيضاً. فلو أن الأمر ترك عبثاً لأصبحت عملية النشر ذات عشوائية ولأصبحت كل مجلة تضع ما يحلو لها من شروط. وهذا كله يضر في المعرفة. و كذلك هذه الشروط تأتي لحفظ الحقوق الخاصة بالمجلة والخاصة بالباحث أيضاً. على سبيل المثال الملكية الفكرية التي يتم إقرارها للباحث بكتابة اسمه على البحث تضمن نسبة البحث إلى مؤلفه. و كذلك تعفي المجلة نفسها من الأمور القانونية المترتبة على ما هو منشور في الأبحاث وذلك وفقاً لبند يتم التوقيع عليه في اتفاق النشر. و كذلك تجد المجلة أسباباً منطقية لإعطاء جمهور الباحثين القبولات أو الرفض لأبحاثهم. ومن جوانب أهمية هذه الشروط أنها تعطي صورة عامة عن الإطار الذي تنشر من خلاله الأبحاث. و كذلك هذه الشروط تأتي لتخلص الباحث من العديد من جوانب التشتت مثل حيرة الباحث في كيفية تنسيق بحثه.