عملية النشر على المجلات العلمية المحكمة، تعتبر في حد ذاتها مجال متكامل مرتبط بالإدارة والاقتصاد ومعايير معرفية أخرى. فعملية النشر على المجلات العلمية المحكمة قد تستوجب دفع تكلفة مالية مقابلها. وقد تحمل أمور أخرى متعلقة بالتكلفة المالية، وهذا ما ستجد تفصيله في طرحنا التالي…. .
الإجابة تأتي مفصلة حسب مجموعة من الحالات التي تتراوح ما بين وجود تكلفة على عملية النشر في المجلات العلمية المحكمة من عدم وجود هذه التكلفة، والنقاط التالية فيها التوضيح:
- قد تفرض بعض المجلات العلمية المحكمة تكلفة مالية على عملية نشر المضامين عليها. وهذه التكلفة المالية تفرضها المجلات العلمية المحكمة كسياسة تعتبر عملية النشر خدمة تقدمها للجمهور. وفي هذه الحالة تكون المجالات العلمية المحكمة مصنفة تحت إطار المجلات المدفوعة.
- مجلات عملية محكمة أخرى تفرض تكلفة مالية على عملية نشر المضامين عليها، ولكن هذه التكلفة تكون رمزياً.
- المجانية صفة ملازمة لأغلب المجلات العلمية المحكمة، فأغلب المجلات لا تفرض أي تكلفة مالية تطلبها من الباحث إزاء عملية نشر الأبحاث، وهذا النوع من المجلات العلمية المحكمة يغلب عليه الانتماء للجامعات أو المراكز البحثية.
تحدثنا أن ثمة مجلات علمية محكمة تفرض تكلفة مالية على عملية النشر، ولكن هذه التكلفة التي تفرضها المجلات تختلف من مجلة إلى أخرى، ومن أهم العوامل المؤثرة في ارتفاع أو انخفاض تكلفة عملية النشر على المجلات العلمية المحكمة ماي يلي:
أولاً: أين تصدر المجلة العلمية المحكمة: المنطقة الجغرافية التي تصدر فيها المجلة العلمية المحكمة، تلعب دوراً هاماً في تحديد تكلفة عملية النشر، وهذا المكان الجغرافي يتحدد بناءاً على اختلاف تكاليف الطباعة في الدول من ناحية، و كذلك يأتي اختلاف تكلفة عملية النشر على المجلات بالنسبة للمنطقة الجغرافية بناءاً على كون العديد من المجلات تقوم بعملية التوزيع الواسعة سواء محلياً أو دولياً.
ثانياً: ال ISSN: يعتبر ISSN من محددات ارتفاع تكلفة عملية النشر على المجلات العلمية المحكمة. ويعبر ال ISSNعن المجلات المصنفة والتي لها رقم دولي. والتكلفة في هذه المجلات تأتي بناءاً على شهرتها وقوة محتواها، ويغلب على هذه المجلات أنها تطلب تكلفة رمزية لا باهضة الثمن.
ثالثاً: قواعد البيانات والتصنيف عليها: معامل التأثير الخاص بالمجلات العلمية المحكمة، يحدد إلى حدّ ما جودة وكفاءة المجلات. وكلما كانت المجلات العلمية المحكمة مصنفة على قواعد البيانات مثل سكوبس وابيسكو كلما زاد الطلب عليها وبالتالي زادت تكلفة عملية النشر فيها.
رابعاً: عملية التحكيم: بعض المجلات العلمية المحكمة تقوم بعملية التحكيم من قل لجنة خاصة بها تدفع لها أجور مالية، والبعض يكون فيها المحكمين متطوعين، و كذلك نوعية المحكمين أنفسهم تؤثر في تكلفة عملية النشر على المجلات العلمية المحكمة، على سبيل المثال إذا كانت مجلة تحتوي على محكم أكاديمي له شهرة واسعة ويعتبر من العلماء الأفذاذ حول العالم وتدفع له تكلفة التحكيم، فستكون تكلفة عملية النشر عليها مرتفعة نوعاً ما.
يتساءل البعض عن السبب الذي يجعل المجلات العلمية المحكمة تأخذ مقابلاً مادياً على عملية النشر، وهل هذه المجلات هي مشروع اقتصادي أم معرفي؟، ويتضح هذا الجدل في النقاط التالية:
- يعاني المجال المعرفي حول العالم من عدة صعوبات منها ضعف الدعم المالي، بالتالي دفع رسوم مقابل عملية النشر في المجلات العلمية المحكمة يجعل لدى المجلات تمويلاً ذاتياً، فالمجال المعرفي بحاجة للمجلات العلمية المحكمة وهذه المجلات لا يمكن أن تقدم خدماتها في ظل عدم وجود ميزانية مالية.
- الورق، الحبر، رسوم المواصلات والتوزيع، وغيرها من المتطلبات الأساسية التي يحتاجها كيان المجلات العلمية المحكمة لكي تستمر في تقديم خدماتها. غالباً ما تعتمد المجلات على فرض رسوم مالية على عملية النشر فيها لتسد هذه الاحتياجات.
- المجلات العلمية المحكمة يمكن النظر إليها بأنها مؤسسة متكاملة، فيها موظفين، وهؤلاء الموظفين بحاجة إلى رواتب تُدفع لهم.
- القول بأن المجلات العلمية المحكمة هي مشروع اقتصادي، هذا لا يجوز. لأنه من خلال النقاط السابقة التي أوردناها في هذه الفقرة اتضح لنا أسباب تجعل المجلات تطلب تكلفة مالية مقابل خدماتها.
ليس شرطاً أن تقوم كافة المجلات العلمية المحكمة بفرض تكلفة على عملية النشر، بل هناك العديد من المجلات التي تقدم خدماتها بشكل مجاني، وفي هذه الحالة لا يمكن الجم بمصادر تمويل هذه المجلات ولكن يمكن أن نضع أماكن متوقعة لهذا التمويل وهي:
- الجامعات، حيث تعتبر الجامعات من أهم وأبرز المؤسسات التي تدعم المجلات العلمية المحكمة. وكثيراً ما نرى الجامعات تصنع لنفسها مجلات تحمل اسمها. وتكون عملية النشر عليها دون تكلفة لأنها تعتبر هدف معرفي من أهداف الجامعة.
- الحكومات، الصين الأكثر نشراً للمضامين المعرفية، وتنافسها أمريكا، وقسّ على ذلك أغلب الدول حول العالم، ومن هنا يتضح سبب قيام بعض الدول بدعم بعض المجلات مالياً، وذلك لأن إطار المنافسة في هذا المجال يعتبر شرف للدولة.
- رجال الأعمال، ليس من المصادر الأساسية، ولكن التاريخ والوقائع يثبت قيام بعض رجال الأعمال بتبني بعض المجلات ودفع أموال لتقويتها.
- المراكز البحثية، وهي في الأساس تعنى بالبحث العلمي والمعرفة، وبالتالي ليس غريباً أن يكون هناك مجلات علمية محكمة تدعمها بعض المراكز البحثية بشكل مباشر.
- مراكز حقوق الانسان، من أكثر المؤسسات الفاعلة في مجال دعم المجلات العلمية المحكمة، وذلك لأن حقوق الانسان أمر يهم كامل الكرة الأرضية، وتهتم به الحكومات والتكتلات السياسية، ولهذا نجد أن كثيراً من المجلات تنتمي إلى مراكز حقوق الانسان، هذا فضلاً عن حاجة هذه المراكز لعملية توعية الناس بحقوقهم.
تكثر القضايا بين المجلات العلمية المحكمة والباحثين التي تتعلق بدفع التكلفة مقابل عملية النشر. ولعل السبب الرئيسي لهذه المشاكل هو إغفال بعض المعايير الضرورية، حيث ترتبط عملية دفع تكلفة النشر على المجلات بالمعايير التالية:
- لابد أن تتفق في البداية على طريقة دفع المبلغ التي تحددها المجلة.
- خذ وصلاً أو صورة أصلية عن الحوالة التي قمت خلالها بدفع المبلغ للمجلة.
- تأكد من عملية وصول المبلغ للمجلة، من خلال سؤالهم المباشر، فهذا من حقك أن تعرف هل وصل المبلغ أم لا.
لا إجابة شاملة بهذا الخصوص، وذلك لأن تكلفة النشر على المجلات ليست متوافقة في كافة المجلات. وليس لها معيار أو تسعيرة محددة، ولكن يغلب على هذه التكلفة أن تكون كما يلي:
- المجلات المتخصصة في مجال معين. غالباً ما يكون سعر عملية النشر فيها متوسط، حيث يتراوح من 50 دولار إلى 150 دولار للمضمون الذي لا يتجاوز عدد صفحاته العشرة صفحات. و200 دولار إلى 300 دولار للمضمون الذي يكون فوق ال10 صفحات.
- الرسوم الرمزية التي تفرضها المجلات كسعر لعملية النشر تبدأ من 10 دولار إلى 70 دولار فقط.
- بالنسبة لتكلفة النشر على المجلات العالمية ذات معامل التأثير المرتفع، فتكون مرتفعة حيث تتجاوز في بعضها مبلغ ال 500 دولار.
من المفارقات الموجودة في عملية النشر على المجلات العلمية المحكمة أن هناك مجلات لا تقوم بأخذ تكلفة مقابل عملية النشر. بل تقوم بدفع مبالغ مالية للباحثين الذين ينشرون أبحاثهم عبر صفحاتها، وهذا الأمر نوضحه تفصيلاً في النقاط التاليات:
- بعض المجلات يكون لديها أهداف معرفية متخصصة. على سبيل المثال عند ثوران إحدى البراكين قامت مجلة بطلب المضامين العلمية الموثوقة لنشرها. فهنا يكون هذا عبارة عن مشروع أو برنامج مبادر من المجلة نفسها أو من الجهة التي تدعمها.
- التكلفة التي تدفعها المجلة للباحثين مقابل عملية نشرهم الأبحاث عليها، لها اسم يليق بها، وهو (المكافأة). فتدفع المجلات العلمية المحكمة المبالغ المالية للباحثين تحت إطار المكافآت وهذا يضيف نوع من الحيوية والدافعية والرونق على المجال المعرفي.
- كثيراً ما تقوم المجلات العلمية المحكمة بإنشاء مسابقات بين الباحثين، وهذه المسابقات يترتب عليها جوائز مالية.
- بعض المجلات تكون سياستها أن تطلب من الباحثين دفع تكلفة مالية مقابل عملية نشر الأبحاث. ولكن هذه المجلات تتجاوز عن بعض الحالات مثل الباحثين المعروفين. أو الباحثين ذوي التأثير. و كذلك قد تنتقي المجلة عدداً محدداً من المضامين المتميزة وتقوم المجلة بدفع المكافأة للباحث المعدّ لها.
- يحصل أن تقوم المجلة بطلب إعداد مضمون معين من باحث معين مقابل تكلفة مالية تدفعها المجلة للباحث.