لعملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة اهتمام واسع من قبل الجامعات والمراكز البحثية والباحثين، ولعل الناظر إلى طبيعة عملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة يرى أنها أصبحت تنظيماً إدارياً وانتاجياً، بمعنى أن لها مؤسسات ومدخلات ومخرجات، ويتساءل البعض عن الأهمية التي اكتسبتها عملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة وسبب هذه الأهمية، وهذا ما سنجيب عنه في سياق الطرح التالي…. .
النظام الجامعي هو نظام أكاديمي ينبني عليه الدرجات والعلامات من مقبول وحتى الامتياز. ونرى أن نظام الجامعات يهتم بشكل خاص بالمجلات العلمية المحكمة لعدة أسباب من أهمها:
- تعتمد الجامعات على عملية نشر الأبحاث في المجلات العلمية المحكمة في منح الأشخاص بعض الدرجات الأكاديمية، على سبيل المثال نجد أن بعض الجامعات تشترط لحصول الشخص على رجة الاستاذ المشارك أن يقوم بنشر ما لا يقل عن 3 أبحاث في المجلات العلمية المحكمة.
- نلاحظ أن كثيراً من المجلات العلمية المحكمة تأخذ اسم الجامعة المنشئة لها، على سبيل المثال مجلة جامعة أم القرى ومجلة جامعة القاهرة ومجلة جامعة الملك سعود، وهذا يعني أهمية المجلات بالنسبة لسمعة الجامعات، فالجامعة التي لها مجلة علمية محكمة تكون ذات ترتيب متقدم في عملية تصنيف الجامعات حول العالم.
- تتيح المجلات العلمية المحكمة عملية التبادل المعرفي بين الجامعات العالمية وبين الجامعة والباحثين خارج الجامعة.
- المجلات العلمية المحكمة تقوم بعملية هامة وهي عملية التحكيم، وغالباً ما تكون عملية التحكيم المشرف عليها أكاديميين جامعيين.
- تقوم الجامعة بعرض انجازات طلابها من خلال عملية نشر الأبحاث على المجلات المحكمة.
تعود عملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة بالعديد من الفوائد على الباحث. حيث يستفيد الباحث من عملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة ما يلي:
- يحقق الباحث نوع من الشهرة والمعرفة من قبل الجمهور والمختصين من خلال عملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة.
- يستفيد الباحث من المسابقات التي تعلنها المجلات العلمية المحكمة، بحيث يتمكن الباحث في هذه الحالة من نشر الأبحاث و كذلك الاستفادة من الجائزة المادية.
- تعتبر عملية نشر الأبحاث على المجلات بمثابة بث روح التنافس بين الباحثين، وبالتالي الحصول على إنتاج أبحاث متميزة ومتقدمة.
- من خلال المجلات يتمكن الباحث من ايصال الأبحاث للجمهور المستهدف.
- يستفيد الباحث الأكاديمي من حصوله على الدرجات الأكاديمية التي تفرض الجامعات شروطاً عليها. منها القيام بعملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة، وهذا ما أشرنا إليه في الفقرة السابقة.
- كلما زادت عملية نشر الباحث للأبحاث على المجلات كلما تفتحت له فرص علمية مميزة، على سبيل المثال فرصة المشاركة في مؤتمرات علمية عالمية.
إلى جانب الفوائد العائدة على الجامعات و كذلك على الباحثين من وراء عملية نشر الأبحاث على المجلات، فإن هناك فوائد عامة بالنسبة للمجال المعرفي ومنها:
- المجلات العلمية المحكمة توفر العديد من الأبحاث التي يمكن أن يعتمد عليها الباحثين، كمصادر ومراجع لأبحاث جديدة.
- عملية نشر الأبحاث على المجلات تعتبر عملية أرشيفية تاريخية، على سبيل المثال تم نشر إحدى الأبحاث على المجلات في عام 2000م، وبعد مرور عشرين سنة تم الاقتباس من هذا البحث، فإن عملية التوثيق هنا تلزم الباحث ذكر المجلة مع رقم العدد الصادر حينها، وهذا يعني أن المجلات تحفظ المعلومات في قالب تاريخي تصنيفي.
- تتم عملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة من قبل الباحثين بعد اجتياز عملية التحكيم، وهذا يعطي فرصة حقيقة في التقليل من نسبة المعلومات الخاطئة التي يتم نشرها.
- قالب المجلات له رونقه الخاص به، فكثيراً ما نجد بعض المثقفين غير راغبين في التعامل مع شاشة الحاسوب. ويفضلون قراءة الأبحاث من على المجلات وهم يحتسون الشاي كنوع من السياحة الفكرية.
- عملية نشر الأبحاث على المجلات تجعل هناك نوع من التواصل الغير مباشر بين عدة مكونات مجتمعية، فنجد أن الباحثين يقرؤون انتاجات بعضهم البعض، و كذلك القراء يتمكنون من الحصول على الأبحاث بسهولة وقراءتها.
السؤال بطريقة أخرى: هل المجلات العلمية المحكمة تكون متخصصة في مجال محدد من الأبحاث أم لا؟
والإجابة على هذا التساؤل نضعها في النقاط التالية:
- هناك نوعين أساسيين من أنواع المجلات العلمية المحكمة بالنسبة لمجال الأبحاث المنشورة. وهما المجلات المتخصصة والمجلات العامة.
- المجلات المتخصصة تقوم بعملية نشر الأبحاث في مجال واحد فقط، على سبيل المثال المجلات الطبية المجلات الحقوقية المجلات الاجتماعية…. وهكذا.
- المجلات العامة تقوم بعملية نشر الأبحاث في مجالات متعددة، وتضع هذه المجلات زاوية محددة لكل مجال، على سبيل المثال المجلات التي تجد فيها الفصل الأول عن الأبحاث الطبية والثاني عن الكيمياء والثالث عن الأحياء والرابع عن القانون والخامس عن التربية… وهكذا.
- بالنسبة للحجم فإن المجلات العامة تعتبر أكثر من المجلات المتخصصة.
- ولكن بالنسبة للفائدة، فإن كلا النوعين لهما الفائدة الهامة، ولكن المجلات العلمية المحكمة المتخصصة تعتبر ذات فائدة علمية أكبر كونها متخصصة ويكتب فيها متخصصون ويديرها أيضاً متخصصون.
- المجلات المتخصصة تقوم بعملية نشر الأبحاث في مجال واحد ولربما تطرقت لمجالات أخرى مرتبطة بهذا المجال، على سبيل المثال المجلات الطبية تعرض أحياناً أبحاث في الأحياء والكيمياء.
هذا السؤال له فلسفته الخاصة بإجابته، فسنقوم بوضع نقطتين فقط الأولي تحكم بأن المجلات العلمية المحكمة الجامعية هي الأفضل ولماذا؟ والثانية تحكم بأن المجلات العلمية المحكمة الغير جامعية هي الأفضل ولماذا؟، ومن ثم لك أن تقتنع بإحدى هاتين النقطتين:
أولاً: إذا قلنا أن المجلات العلمية المحكمة الجامعية هي الأفضل لعملية نشر الأبحاث، فإن هذا يأتي لأنها تتميز بكونها مدارة من قبل الجامعة ذات البعد الأكاديمي الموثوق، و كذلك الدرجات العلمية المترتبة على عملية نشر الأبحاث تكون ذات ثقة أكبر، لأنه يغلب على المجلات العلمية المحكمة التابعة لإحدى الجامعات أنها تكون معترف بها دولياً ما دامت هذه الجامعة معترف بها، و كذلك الدعم المعلوماتي والإشرافي الذي تقدمه المجلة الجامعية يعتبر ذو صورة أفضل من المجلة العامة.
ثانياً: إذا قلنا أن المجلات العلمية المحكمة الغير جامعية هي الأفضل، فإن ذلك يأتي لكونها تكون مستقطبة للجان تحكيم من جامعات مختلفة أو محكمين ذوي خبرة وشهرة وكفاءة معروفة، و كذلك تكون هذه المجلات ذات نطاق نشر أوسع من المجلات الجامعية، وأيضاً تكون شروط عملية النشر فيها أخف من شروط عملية النشر في المجلة الجامعية.
لن تكون قادراً على نشر أي بحث إلا بامتلاكك للمتطلبات الأساسية اللازمة لعملية نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة. ومن أهم هذه المتطلبات ما يلي:
- لابد أولاً من اكتمال البحث المراد نشره على المجلات العلمية المحكمة والتأكد من خلوه التام من الأخطاء.
- يجب الموافقة على سياسة عملية النشر الخاصة بالمجلة، وتختلف هذه السياسية من مجلة لأخرى.
- لابد من ورقة إثبات شخصية، وهي إما البطاقة الشخصية أو جواز السفر، ولا تقبل المجلات غير هاتين الورقتين لإثبات الشخصية.
- ألب المجلات العلمية المحكمة تقوم بعملية إرسال نموذج لإقرار. ويقوم الباحث بدوره بالتوقيع على هذا الإقرار الذي يقضي بالملكية الفكرية للباحث. وخلو المجلة من أي مسائلة قانونية تترتب على عملية نشر البحث المرسل.
- إذا كانت المجلة تقدم خدمة نشر الأبحاث بشكل مدفوع، فلابد من صورة الحوالة المالية لإتمام العملية.
- بعض المجلات العلمية المحكمة تقوم بطلب السيرة الذاتية الخاصة بالباحث.
كما أسلفنا في الفقرة السابقة فإن عملية عرض البحث على المجلات يتطلب توقيع الإقرار الذي تتبعه أغلب المجلات، وهذا الإقرار يكون عبارة عن نموذج جاهز ترسله المجلة ويقوم الباحث بتعبئته وتوقيعه ومن ثم رفعه على البريد وارساله، ولربما اشترطت بعض المجلات تصديقه عن محامي، وهذا الإقرار ننصحك بتوقيعه نظراً لما يلي:
- يعطيك الإقرار حق الملكية الفكرية للبحث المرسل، وبالتالي لن تتمكن المجلة من عرضه إلا بالتوثيق الكامل لاسم ومعلوماتك.
- هذا الإقرار يثبت أن العمل من تنفيذ الباحث نفسه وغير منتحل.
- المجلات المحكمة تقوم بحماية نفسها بموجب هذا الإقرار، لأن المجلات المحكمة تضع فيه أن أي مسؤولية قانونية تقع على عاتق الباحث لا على عاتق المجلة، وذلك لأن هذا المجال يتعرض فيه كثير من المجلات لمشاكل الدعاوى القضائية المبنية على الانتحال من قبل الباحث الذي أرسل البحث، وهذا الإقرار يثبت أن المجلة استلمت البحث من الباحث المرسل له والذي تعهد أن البحث ملكه وغير منتحل وبالتالي لا تقع أي مسؤولية قانونية على المجلة.