ترتبط عملية نشر الأبحاث العلمية بالمجلات العلمية المحكمة ارتباطاً وثيقاً. بل إن الوجه الأكثر تعبيراً والمتفق عليه عالمياً لعملية نشر الأبحاث هو المجلات العلمية المحكمة. وبالتالي يكون الباحث بحاجة ماسة للتعرف عليها ولطرق النشر عليها وماهيتها وما إلى ذلك من أمور. ولهذا نكتب هذا المقال كجولة فكرية نتعرف فيها على المجلات العلمية المحكمة… .
عملية نشر الأبحاث التي ترتبط بالمجلات العلمية المحكمة، هي إشارة إلى عرض محتوى الأبحاث وجعل هذا المحتوى متاحاً للجماهير والقراء.
وهذه هي المهمة الرئيسية التي تقوم عليها المجلة العلمية المحكمة، ويمكن القول في التعريف الاصطلاحي للمجلات العلمية المحكمة بأنها: عبارة عن دوريات تصدر بشكل منتظم وتقوم بعملية نشر الأبحاث بعد إتمام تحكميها وفقاً لمعايير وأساسيات خاصة.
ويمكن القول أيضاً بأنها: وسيط يتم من خلاله عرض محتوى الأبحاث العلمية، بعد اجتياز هذه الأبحاث لعملية التحكيم.
ونضع بعض الملاحظات التوضيحية لماهية المجلات العلمية المحكمة:
- لاحظ في التعريفات أوردنا كلمة التحكيم، وبأن الأبحاث لا تتم عملية نشرها إلا باجتيازها لعملية التحكيم، وهذا التحكيم يكون من خلال لجنة خاصة داخل المجلة العلمية المحكمة.
- الإطار العام الذي تقوم المجلة بنشره هو الأبحاث العلمية، ولكن هذا لا يعني أن المجلة فقط تقتصر على الأبحاث، فهناك بعض المجلات التي تترك مساحة لنشر المقالات والتقارير العلمية.
- دورية الصدور تعني أن المجلة تصدر بشكل منتظم وفق تسلسل زمني، على سبيل المثال المجلة الأسبوعية التي تصدر مع بداية كل أسبوع أو المجلة الشهرية التي تصدر مع بداية كل شهر أو المجلة السنوية التي لا تصدر إلا مرة واحدة في السنة… وهكذا.
تتم عملية نشر الأبحاث على مجلة علمية محكمة وفقاً لاتباع عدد من الخطوات المتسلسلة، هذه الخطوات تكون مرتبطة فيما بينها ولا يصلح تجاوز خطوة قبل الأخرى، وهذه الخطوات هي:
- أول ما يتم في عملية نشر الأبحاث على مجلة علمية محكمة هو اختيار المجلة، واختيار المجلة له قواعده ومعاييره التي سنتحدث عنها في فقرة قادمة من هذا المقال، ولكن الآن يكفي أن نقول أن التعرف على المجلات العلمية المحكمة الطريقة الأنسب له هو البحث في قاعدة بيانات سكوبس.
- بعد اختيار المجلة العلمية المحكمة التي ستقوم بنشر الأبحاث عليها، تتم عملية تجهيز البحث المراد نشره وفقاً للسياسة التحريرية وسياسة النشر الخاصة بالمجلة.
- وبعد ذلك تأتي عملية المراسلة والتي تتم من خلال البريد الإلكتروني الخاص بالمجلة. وهذا البريد الإلكتروني من السهل ايجاده على تعريف المجلة في قاعدة بيانات سكوبس.
- ومن ثم تتم عملية كتابة خطاب المراسلة للمجلة العلمية المحكمة، وإرساله عبر البريد الإلكتروني مرفقاً معه البحث المراد نشره بصيغتين الأولى صيغة Dos والثانية pdf.
- تقوم المجلة العلمية المحكمة باستقبال البحث المراد نشره ومن ثم إدخال هذا البحث في عملية التحكيم.
- وبعد اجتياز البحث لعملية التحكيم يتم الرد على الباحث من خلال البريد الإلكتروني أيضاً.
- يكون الرد من قِبل المجلة بثلاث محددات أساسية وهي إما القبول أو الرفض أو طلب التعديلات.
- بعد ذلك تتم عملية ابرام الاتفاق، والذي يشمل إقرار الباحث بملكية البحث وإخلاء المجلة العلمية المحكمة من أي مسائلة قانونية.
- ويتم الاتفاق على موعد نشر البحث على المجلة العلمية المحكمة، ومن الأفضل أن تقوم المجلة بإرساله نسخة من المجلة التي تم فيها نشر البحث.
ليس المهم نشر الأبحاث على المجلات العلمية المحكمة، بقدر ما مهم كفاءة هذا النشر. ولهذا لابد من انتقاء المجلة بشكل سليم، ومن عوامل الانتقاء السليم للمجلة العلمية المحكمة المعايير والأساسيات التالية:
- أنظر في جمهور المجلة، ومدى انتشار هذه المجلة، فالجمهور المتخصص والواسع، و كذلك المنطقة الجغرافية التي تنتشر فيها المجلة تعتبر من معايير الجودة لنشر الأبحاث على المجلة.
- قواعد النشر ومدى توافق مضمون البحث معها، من الضروري أن يتم اختيار المجلة وفقاً لها. فالمجلات العلمية المحكمة تختلف فيما بينها في قواعد وسياسات النشر والتحرير.
- النسخ الورقية والإلكترونية للمجلة العلمية المحكمة. والمجلة التي يكون لها نسخة ورقية ونسخة أخرى إلكترونية. تعتبر من المجلات الأكثر مناسبة لنشر الأبحاث عليها.
- معامل تأثير الذي تمتلكه المجلة العلمية المحكمة، حيث يعتبر معامل التأثير من معايير التنافس بين المجلات ويعبر عن جزء كبير من جودة المجلة العلمية المحكمة، ومعامل التأثير هذا يعبر عن مدى اعتماد الباحثين في الاقتباس من الأبحاث التي تنشرها المجلة العلمية المحكمة، وبالتالي توضيح جودة المحتوى ومدى اهتمام الباحثين بهذه المجلة، مما يزيد من فرصة أخذ بحثك كمرجع في دراسات قادمة من باحثين آخرين.
- الجهة التي تصدر عنها المجلة العلمية المحكمة، حيث أن المجلات العلمية المحكمة كثيراً ما تكون صادرة عن مؤسسات، على سبيل المثال المجلات الصادرة عن الجامعات، فنرى هناك على سبيل المثال مجلة جامعة الملك سعود ومجلة جامعة القاهرة في تخصصات متفرقة، ومجلة جامعة اكسفورد وغيرها.
- متطلبات النشر المادية التي قد تطلبها بعض المجلات العلمية المحكمة.
البحث الذي ينال القبول لنشره على مجلة علمية محكمة، يكون شاملاً على معايير جودة متعددة. ولزيادة فرصة قبول نشر البحث لابد من مراعاة المعايير التالية:
أولاً: اختار موضوع البحث الذي يكون له اهتمامات من قبل المجلات العلمية المحكمة من جهة، وجمهور القراء والباحثين من جهة أخرى، ويفضل اختيار موضوعات البحث لمشكلات معاصرة قائمة.
ثانياً: لابد أن تتأكد من صدق المعلومات الموجودة في مضمون البحث، حيث أن المعلومات الخاطئة والغير صادقة ترفض المجلة نشر البحث بالمجمل إذا اكتشفت لجنة التحقيق وجودها في مضمون البحث.
ثالثاً: البحث الجديد بفكرته وطرحه، والأصيل الغير معتمد بكثرة على الأبحاث الأخرى. يكون مضمونه مطلوباً للنشر على المجلات العلمية المحكمة.
رابعاً: كلما كانت أهداف البحث قابلة للتحقيق ومنطقية كلما زادت فرصة قبول المجلة نشر البحث.
خامساً: ليس المهم هو كثرة عدد الصفحات بل المهم القيمة المعلوماتية التي تحتويها صفحات البحث. ولهذا كلما كانت عدد صفات البحث قليلة وذات معلومات هامة كلما كانت فرصة قبول نشر البحث أكثر. فالمجلة محكومة بعدد من الصفحات في العدد الواحد من أعداد المجلة.
سادساً: ننصحك بالاعتماد بشكل كبير على البراهين والاثباتات والأساليب الإحصائية، لأن المجلات العلمية المحكمة تميل لنشر الحقائق والنسب العلمية أكثر من النقاشات والتحليلات.
سابعاً: الإطار النظري المترابط والمتكامل في البحث. وذلك وفقاً للمشكلة التي يتناولها الباحث، وكيفية معالجة الباحث لهذه المشكلة. فتنظر المجلة العلمية المحكمة إلى كيفية الوصول إلى النتائج والحلول. وتسعى لنشر الأبحاث ذات الإطار النظري الأكثر ترابطاً وأهمية في معلوماته.
ثامناً: المتغيرات والفرضيات الموجودة في مضمون البحث. لابد وأن تكون معبرة بشكل أساسي عن المشكلة التي يتناولها الباحث، وأيضاً لابد من صياغتها بشكل مميز وواضح.
تاسعاً: منطقية النتائج ومدى فاعليتها في تحقيق أهداف البحث وإيجاد حل للمشكلة. تنظر المجلات العلمية المحكمة لهذه النتائج بعين الاعتبار بأنها مؤشر قوة وجودة للبحث.
لعالمنا العربي العديد من المجلات العلمية المحكمة التي تقوم بعملية نشر الأبحاث والمضامين المختلفة، ومن أهم وأشهر هذه المجلات:
أولاً: المجلة العربية للعلوم و نشر الأبحاث:
منذ عام 2015م بدأت هذه المجلة بالصدور بشكل رسمي، وتأتي هذه المجلة كمجلة منبثقة عن المركز القومي للأبحاث في فلسطين، وتنشر المجلة الأبحاث في العديد من التخصصات، و كذلك تتميز المجلة بأنها مجلة مصنفة ضمن المجلات العلمية المحكمة التي تنشر باللغتين العربية والإنجليزية، ولها تصنيف متقدم على سكوبس وكلايريفيت و كذلك منصة السفير.
ثانياً: مجلة جامعة أم القرى:
وهي مجلة علمية محكمة تصدر عن جامعة أم القرى في المملكة العربية السعودية، وتتميز بمعامل التأثير المتقدم، وكثرة اعتماد الباحثين في الاقتباس منها، وتتميز بأن أغلب الأبحاث المنشورة عليها تعالج مشكلات قائمة.
ثالثاً: مجلة جامعة القاهرة المصرية:
وهي من أقدم وأكفأ المجلات العلمية المحكمة العربية، وتقوم بنشر الأبحاث بعد إخضاعها للجنة تحكيم من كبار الأكاديميين فيها، وتتميز أيضاً بأنها مرجع لكثير من الباحثين.
رابعاً: مجلة الجامعة الإسلامية في غزة:
هي من المجلات الصاعدة والتي لاقت رواجاً كبيراً في الفترة الأخيرة. وذلك نظراً لتطور المحتوى الذي تقوم بنشره، و كذلك تعتبر هذه المجلة من المجلات المزدوجة التي تصدر بشكل ورقي وإلكتروني.
خامساً: مجلة جامعة الملك سعود:
مجلة ذات انتشار واسع في العالم العربي. وتبرز كمجلة مهتمة بالأنشطة المكملة لعملية نشر الأبحاث، فكثيراً ما تقوم هذه المجلة بتنظيم المؤتمرات العلمية. واستقطاب الباحثين، و كذلك لها معامل تأثير متقدم على سكوبس.
قد يكون رد المجلة العلمية المحكمة برفض نشر بعض البحوث عليها، ولهذا الرفض العديد من الأسباب، ومن أهمها:
أولاً: قد يكون البحث المرسل مخالف لسياسات المجلة سواء السياسة التحريرية أو سياسة النشر بشكل عام.
ثانياً: المجلة العلمية المحكمة تطمح لنشر البحوث التي يكون محتواها المعرفي ذو جودة وكفاءة عالية، فالبحث الذي يحتوي على ضعف في معلوماته أو أخطاء ترفض المجلة نشره.
ثالثاً: التنافس بين البحوث المرسلة يعتبر من الأمور التي تحكم قبول أو رفض النشر، ولكن هنا قد تعطي المجلة تأجيل للنشر لا الرفض الكامل.
رابعاً: المواضيع المكررة غالباً ما يتم رفضها من قبل المجلات، فالمجلات تنشر ما هو جديد لا ما هو مستهلك.
خامساً: المواضيع التي تم تناولها بقوة لا تقبل المجلة إعادة النشر في نفس المواضيع دون أن تكون أكثر قوة، على سبيل المثال إضافة شيء جديد أو اثبات أو نفي لمعلومات معينة.
سادساً: البحوث التي يترتب عليها ردود فعل سلبية، ترفض المجلة نشرها، على سبيل المثل البحوث التي تثير الفتن والطائفية.
النطاق الجغرافي الخاص بالمجلة العلمية المحكمة له ثلاثة أقسام رئيسية وهي:
أولاً: المجلة العلمية المحكمة المحلية: والتي تنتشر في نطاق مدينة أو دولة واحدة فقط. وغالباً ما تكون موضوعاتها متخصصة في مشكلات المجتمع المحلي الذي تغطيه.
ثانياً: المجلة العلمية المحكمة الإقليمية: وهي التي تغطي نطاق أوسع من النطاق المحلي، فقد تشمل مجموعة دول متجاورة.
ثالثاً: المجلة العلمية المحكمة العالمية: وهي المجلة التي تنتشر على مستوى العالم. ويغلب عليها الكتابة بلغتين وهي اللغة المحلية مثل (العربية) واللغة الإنجليزية. حيث تعتبر اللغة الإنجليزية اللغة العالمية الأكثر انتشاراً.
ماهي خطوات النشر في المجلات العلمية؟ What are the steps for publishing in scientific journals